صندوق الضمان في موريتانيا: رافعة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لو سمحت البنوك التجارية

تشير التقديرات إلى أن 70٪ من الشركات المسجلة في موريتانيا تُصنف ضمن فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتُعد هذه المؤسسات الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني، من حيث خلق فرص العمل، وتنويع الاقتصاد، والمساهمة في استقراره.
غير أن تطور هذه المؤسسات ما زال يواجه عائقًا رئيسيًا: هو صعوبة الولوج إلى القروض البنكية.
ففي السياق الموريتاني، اعتادت البنوك ألا تُقرض إلا للأغنياء، على اعتبار أنهم قادرون على التسديد. أما تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فلا يدخل ضمن أولوياتها، هذا إلى جانب أن أسعار الفائدة المرتفعة غالبًا ما تكون سدا منيعا لهمم.
.
وفي مواجهة هذا الواقع، قررت الدولة الموريتانية، في يناير 2017، إطلاق آلية استراتيجية لتجاوز هذه العقبة، تمثلت في إنشاء صندوق الضمان الموريتاني.
وقد أنشئ هذا الصندوق في شكل شركة مساهمة برأسمال ابتدائي قدره 400 مليون أوقية جديدة ، بهدف تنشيط النسيج الريادي، مع دعم استقرار النظام المالي الوطني.
كيف يعمل الصندوق؟
يوفّر الصندوق التوجيهات القانونية الضرورية، ويُعد دراسات الجدوى المالية، ويقدم الضمانات التي تتطلبها البنوك التجارية. ومن خلال هذا الدور، يسعى إلى خلق تناغم وتكامل بين مختلف الأطراف الفاعلة.
إنه بمثابة جسر يربط بين المؤسسات البنكية وأصحاب المشاريع، عبر تقديم ضمانات تُمكّن من توفير التمويلات المناسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، دون زيادة المخاطر على البنوك. وبذلك، يلعب الصندوق دور الضامن الثالث، مما يسمح للبنوك بتوسيع محفظتها الائتمانية بثقة أكبر.
وفي هذا الإطار، حدد الصندوق لنفسه هدفين رئيسيين، في انتظار إجراء تقييم مستقبلي شامل:
1. توفير الضمانات لصالح البنوك، لتشجيعها على منح القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا تلك التي يُديرها شباب من الجنسين؛
2. تعزيز قدرات حاملي المشاريع، من خلال تنظيم دورات تدريبية في مجالات الإدارة المالية، والمحاسبة، وإنشاء المشاريع.
ويتجاوز دور الصندوق الدعم المالي المباشر، ليُصبح حجر الزاوية في بناء منظومة ريادية أكثر استدامة وتنظيمًا.
نجاح الصندوق يشكّل تحديًا استراتيجيًا بالنسبة للاقتصاد الموريتاني، لكنه لا يعتمد فقط على حجم نشاطه، بل أيضًا على جودة المشاريع التي يدعمها، وعلى فعالية التثقيف المالي الموجه لأصحاب المشاريع، بالإضافة إلى مدى مرونة البنوك في التعامل مع الهياكل الصغيرة.
وفي هذا السياق، يبقى الوصول إلى التمويل العقدة الأساسية التي ينبغي تفكيكها.
ومن جهة أخرى، فإن العديد من البنوك التجارية في موريتانيا تستفيد بالفعل من استثمارات أجنبية مباشرة
تهدف إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما التي أسسها شباب ونساء.
ومن هنا، يجب أن يكون صندوق الضمان هو الجهة الحاضنة، أو على الأقل الشريك المباشر، في إدارة هذه الاستثمارات التنموية المخصصة للبنوك.
وفي هذه الظروف، يمكن أن يتحول الصندوق إلى محفّز حقيقي لتعزيز الاقتصاد الإنتاجي المحلي، وجذب مزيد من الاستثمارات.
لكن ذلك مشروطٌ بأن تكون آلياته مُؤطّرة، ومُراقبة، ومُتكيّفة مع تطورات السوق والواقع الميداني.
وتتوقف فعالية الصندوق كذلك على نتائج قابلة للقياس، وهو ما يثير تساؤلات متزايدة حول:
• عدد المستفيدين منه؛
• مدى التغطية القطاعية لضماناته؛
• عدد الوظائف التي ساهم في خلقها (خاصة للشباب والنساء)؛
• وأوجه القصور أو الإخفاقات التي ينبغي تصحيحها.
ومع التحديات الاقتصادية المحلية، تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في موريتانيا تعاني من نقص في المعايير وشهادات المطابقة، مما يُقيد قدرتها على دخول الأسواق الدولية، وخصوصًا الإفريقية، ويُضعف استفادتها من الفرص التي توفرها منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية
حسب ما ورد في مذكرة تفاهيمية صادرة عن برنامج دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في موريتانيا، التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا.

ترجمة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button