إن مستقبل إفريقيا وشعوبها مرتبط بشكل لا يتجزأ بالقدرة على التصدي لتغير المناخ (وزير الاقتصاد و التنمية)
تناول معالي وزير الاقتصاد والتنمية المستدامة عبد السلام ولد محمد صالح في كلمة باسم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال افتتاح اجتماع رؤساء الدول والحكومات المشاركة في القمة الافريقية الأولى حول المناخ المنعقدة بالعاصمة الكينية نيروبي يوم 5 سبتمبر 2023.
تناول معالي الوزير في كلمته مختلف الآثار السلبية المترتبة على التغيرات المناخية على مستوى القارة الافريقية.
واستعرض الوزير الحلول المقترحة للتصدى لهذا الوضعية، مشيرا إلى الإجراءات التي اتخذت بلادنا في إطار مقاربة شاملة لمواجهة هذه الآثار.
*نص الخطاب:*
صاحب الفخامة السيد غزالي عثمان، رئيس جمهورية القمر المتحدة الشقيقة، الرئيس الدوري الاتحاد الإفريقي؛
صاحب الفخامة السيد ويليام روتو، رئيس جمهورية كينيا الشقيقة؛
صاحب المعالي موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي؛
أصحاب الجلالة والفخامة والسعادةرؤساء وأعضاء الوفود؛
أيها الحضور الكريم؛
اسمحوا لي في البداية أن أبلغكم تحيات أخيكم رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني الذي كان حريصا على المشاركة معكم في هذه القمة المهمة لولا بعض الظروف الطارئة التي منعته من ذلك.
وأن أهنئ رئيس جمهورية القمر المتحدة الشقيقة صاحب الفخامة غزالي عثمان على حسن إدارته لجلساتنا، وأجدد دعم موريتانيا له وثقتنا المطلقة بأن قيادة جمهورية القمر المتحدة للاتحاد الإفريقي ستكون ناجحة ومثمرة.
وأنتهز هذه الفرصة كذلك لأشكر رئيس جمهورية كينيا الشقيقة صاحب الفخامة ويليام روتو على استضافته لهذه القمة بالغة الأهمية لمستقبل القارة الإفريقية وعلى جودة التنظيم وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظينا بها منذ وصولنا إلى هذا البلد العزيز.
والشكر موصول إلى السيد موسى فقي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي على العمل الدؤوب الذي يقوم به لتحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها الاتحاد الإفريقي، وفي مقدمتها أجندة 2063.
أيها السيدات والسادة
يعتبر المناخ قضية مهمة ومحددا أساسيا لمستقبل قارتنا والعالم فعلى مر العقود الماضية شهدت قارتنا انعكاسات سلبية حادة جراء تغير المناخ تمثلت في زيادة درجات الحرارة، وتراجع مستوى المياه، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وزيادة وتكرار الكوارث الطبيعية، وهي تحديات تهدد بشكل خاص الفقراء والفئات الأكثر هشاشة في مجتمعاتنا، وتزيد مستويات انعدام الأمن الغذائي.
وبالرغم أن إفريقيا ليست مسؤولة عن تغير المناخ بنفسها، حيث ساهمت بنسبة ضئيلة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلا أنها تعاني من آثاره السلبية بشدة.
ولذلك فإن التصدي لتغير المناخ يتطلب تحملا مشتركا للمسؤولية وتعاونًا دوليًا وثيقا على مختلف الأصعدة:
أولاً: يجب أن نعمل على تعزيز الوعي بأهمية التصدي للتغير المناخي والحد من تأثيراته على حياة الشعوبوأن نواصل التوعية والتثقيفونحث المواطنين والمؤسسات على اتخاذ إجراءات وقائية والمساهمة في الجهود العالمية للحد من الانبعاثات الضارة.
ثانيًا:أن نعمل على تعزيز الاستدامة والتنمية الخضراء في قارتنا بالاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، والعمل على تطوير الزراعة المستدامة وإدارة الموارد المائية بشكل فعال وتحويل اقتصاداتنا لتكون أكثر انخراطًا في الاقتصاد الأخضر، مما سيعزز النمو المستدام ويخفف من آثار تغير المناخ.
ثالثًا: أن نعزز التعاون الدولي والشراكات بين دول إفريقيا والمجتمع الدوليوأن نطالب بتمويل مستدام وعادل لمساعدة الدول النامية في التكيف مع تغير المناخ والحد من آثاره ودعم تبادل التكنولوجيا والخبرات، وتعزيز القدرات والتدريب، والمساعدات الفنية.
أيضًا، يجب أن نضع حماية حقوق البيئة والمناخ في قلب سياساتنا وتشريعاتنا وأن نعمل على تعزيز التنظيمات البيئية وتطبيق القوانين والضوابط البيئية بصرامة. ونحمي المناطق الحيوية والتنوع البيولوجي والغابات والمسطحات المائية، ونعمل على الحفاظ على بيئتنا للأجيال القادمة.
أيها السيدات والسادة
في هذا السياق فإن موريتانيا قد اتخذت جملة من الإجراءات والسياسات لمواجهة تحديات التغير المناخي نذكر منهاعلى سبيل المثال:
• استراتيجية التكيف مع التغير المناخي: وضعت بلادنا استراتيجية وطنية للتكيف مع التغير المناخي، تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية في مواجهة التحديات المناخية. وتركز هذه الاستراتيجية على مجالات مثل المياه والزراعة والثروة الحيوانية والتنمية الحضرية…
• تطوير الطاقة المتجددة: تعتبر موريتانيا من البلدان الملائمة لتوليد الطاقة المتجددة، بفضل المقدرات الهائلة التي تتمتع بها من طاقة الرياح والشمس التي تشع على مدار السنة والمساحات الشاسعة غير المأهولة بالسكان المتاحة لنشر منشآت انتاج الطاقات المتجددة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي القريب من الأسواق الدولية، وينضاف الى هذه المميزات وجود مناخ استثماري جاذب. وقد بدأنا في تنفيذ مشاريع لتوليد الطاقة الشمسية والرياح ونعمل على جعل بلادنا من الدول الرائدة في مجال الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع الشركات الدولية المتخصصة في هذا المجال.
• إدارة الموارد المائية: تواجه بلادنا تحديات فيما يتعلق بندرة المياه وتذبذب الأمطار لذا نسعى إلى تعزيز إدارة الموارد المائية وتحسين الري الزراعي وتطوير مشاريع لتحلية المياه وتخزينها.
• التصحر وترميم الأراضي: تعاني موريتانيا من مشكلة التصحر وتدهور الأراضي وللتصدي لهذه المشكلة نعمل على تنفيذ برامج لترميم الأراضي وتعزيز الزراعة المستدامة والتقليل من تآكل التربة.
• الحد من الكوارث الطبيعية: تعمل بلادنا على تعزيز قدراتها في التعامل مع الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف، وتشمل الجهود المبذولة إنشاء نظام للتنبؤ بالفيضانات وتعزيز التحصينات وتحسيس المجتمعات المحلية حول كيفية التصرف في حالات الطوارئ.
أيها السيدات والسادة
تطرح مسألة تمويل التصدي وسياسات التكيف مع التغيرات المناخية والحد من انعكاساتها، إشكالات عديدة خاصة للبلدان ذات الموارد المالية المحدودة. وعليه، لا بد من إيجاد حلول مبتكرة وتضافر جهود جميع الأطراف المعنية من حكومات ومؤسسات تمويل كما لابد للأطراف الدولية الوفاء بالتزاماتها بخصوص التمويلات المناخية. وتعد مساهمة القطاع الخاص الافريقي والاجنبي بالغة الأهمية من أجل الوصول إلى الانتقال الطاقوي المنشود.
وفي الختام أكدأن مستقبل إفريقيا وشعوبها مرتبط بشكل لا يتجزأ بالقدرة على التصدي لتغير المناخ، لذا يجب أن تتضافر الجهود ونتعامل بروح الشراكة والتضامن لرفع هذا التحدي العالمي. وإننا في موريتانيا ملتزمون بالمساهمة والعمل معًا لتحقيق ذلك.
أتمنى لأعمال قمتنا هذه النجاح والتوفيق.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله.