ولايات الشمال ونظرة الحكومة المركزية، ودفع ثمن وجود الثروات المعدنية. بقلم احمد محمود ولد خيرات

ظلت ولايات الشمال صمام أمان للإقتصاد الوطني وملاذا للمواطنين من ربوع الوطن للحصول على العمل، والبحث عن الثروة عبر ممارسة النشاطات الاقتصادية التي تزخر بها المنطقة، وفتح السكان الأصليون اذرعهم لإخوانهم من أبناء وطنهم دون انزعاج أو شكوى ودون تذمر، ولكن هذا الواقع لم تكافأ عليه تلك الولايات من طرف الحكومة اقتصاديا بتوفير بنية تحتية تتماشى مع العطاء الاقتصادي لهذه الولايات، ولم تكافئها سياسيا بوجود ابنائها في مركز القرار والتمثيل السياسي الذي يجد فيه هؤلاء أنهم ينتمون لهذا الوطن.
كما أن باقي المنحدرين من الولايات الأخرى لم يأتوا للإندماج في هذه الولايات وظلوا عابرين نفسيا وماديا وسياسيا ولذلك تجد لسكان كل ولاية منسقية تجمع أبناءها وكأنهم يعيشون مؤقتا في وطن وبلد آخر.
هناك عدة اشكالات تنتاب العلاقة بين الحكومة وسكان هذه الولايات سنوجزها في ما يلي/
الموضوع البيئي/
تعاني المنطقة من آثار السموم والحفر التي يمارسهما المنقبون، والتي تؤثر على الساكنة وعلى حيواناتهم، ورغم الاحتجاجات المتواصلة لم تتجاوب الحكومات مع ذلك في حين تتجاوب مع باقي الاحتجاجات في ولايات أخرى.
كذلك تعاني الثروة السمكية من استنزاف غير مسبوق دون أن يعود ذلك بالفائدة على المنطقة.
الموضوع الاقتصادي/
رغم وجود الثروات كما أسلفنا لا زالت مدن الشمال تعاني من ضعف البنية التحتية، وعدم ملاءمتها للسكن بسبب التلوث وتراكم الأوساخ دون متابعة وتوجيه لتغيير واقع المدن نحو الأفضل.
الموضوع الإجتماعي/
تعاني المنطقة من اختلال في التركيبة الإجتماعية- ولا نعني هنا تغلب فئة على اخري أو زيادة عدد سكان على حساب السكان الأصليين, فالوطن للجميع ,وهذا من قيم ومبادئ سكان هذه الولايات- ولكن نعني أن أغلب العمال والمنقبين والصيادين من أبناء الوطن إلى جانب المهاجرين من دول الجوار يأتون فرادى ما أدى لتفشي كوارث اجتماعية وتغيير المجتمع وانتشار ظواهر كالإدمان والإغتصاب في بعض الأحيان.
الموضوع السياسي/
ندرك أن مدن الشمال يغلب عليها الطابع الاقتصادي ما جعل أغلبية القاطنين من العمالة التي تملك استقلالية في اتخاذ مواقف سياسية دون ضغوط، وهناك وعيا نسبيا وهي عوامل أدت لعدم نجاح الأحزاب الحاكمة على مر حقبة البدء في التعددية السياسية، ولكن الجديد هذه المرة أن الحزب الحاكم حاسب السكان الأصليين المنضوين تحت أحزاب الأغلبية بحكم عدم النجاح في هذه الولايات وإقفال أن هناك أسباب موضوعية وهي التي سبق ذكرها من تحرر العمالة الحرة والوعي النسبي، هناك أسباب للحزب نفسه والحكومة دورا فيهما حيث أن أغلب سكان الولايات الأخرى يتم توجيههم بطريقة غير مباشرة للتصويت في ولاياتهم الأصلية، وذلك باستخدام العامل القبلي والخوف من المحاسبة لبعض الفاعلين إذا لم يحصلوا على الأصوات في مراكزهم.
نؤكد أن أغلب إن لم يكن كل سكان الولايات عادوا أيام الإقتراع لولاياتهم الأصلية وبقي العمال والطبقة الكادحة التي تحررت من العامل الإقتصادي وكذلك من الإرتباط الاجتماعي التقليدي وظل السكان الأصليين في الميدان وهم أقلية وهذا شيئ لا يمكن نكرانه ولكن لا يجب أن يعاقبوا مرات بسبب العوامل السابقة ويعاقبوا هذه المرة بعدم قراءة الساحة السياسية بشكل أعمق ووجيه.
سواء قبلنا أو لم نقبل فإن لكل منطقة سكانها الأصليين والحكومة تتعامل مع المواطنين على هذا الأساس باستثناء هذه الولايات، ولكن نصيحة لمن يهمه الأمر يجب أن تكون الأولوية للأطراف والمناطق الحدودية لأنها هي الحاجز الأول في حماية الوطن إن تم التعامل معها بإيجابية وهي الخاصرة الرخوة التي يدخل منها الآخرون إن تم التعامل معها بشكل سلبي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button