القضية الفلسطينية العادلة و الخذلان العربي الإسلامي

لا شك أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط و بالخصوص قطاع غزة و الضفة الغربية من إعتداءات إسرائيلية مستمرة امتدت إلي لبنان في إتجاه تصعيد الصراع و اتساع دائرة الحرب .
خلفت مجازر بشعة و إبادة جماعية كبيرة و كبيرة جدا تعد بعشرات آلاف الشهداء و الجرحي كما شردت مئات الأسر و العوائل و أحدثت دمارا هائلا و شاملا في البني التحتية و الصحية و الخدمية في محيط غزة أولا و الجانب اللبناني ثانيا .
أرتقت إلي مستوي جرائم الإبادة الجماعية و درجة الإنتهاك الصريح لحقوق الإنسان .
يدخل ضمن تداعيات عملية طوفان الاقصي النوعية غير مسبوقة التي شكلت نقطة تحول في مسار المقاومة الفلسطينية و ضربة موجعة للكيان الصهيوني وصفت بأكبر هجوم للمقاومة في صراعها مع الإحتلال الإسرائيلي .
حيث أثبتت للعالم ضعف و هشاشة و فشل و زيف المنظومة العسكرية و الأمنية و الإستخباراتية الإسرائيلية التي كثيرا ما تغنت و تفاخرت بتفوقها العسكري إقليميا و دوليا في بعض الحالات .
كما فضحت ايضا إزدواجية أوروبا و آمريكا و كشفت المستور في علاقاتها مع إسرائيل و دعمها العسكري اللامشروط و اللامحدود .
و أكذوبةالدفاع عن حقوق الإنسان و القضايا العادلة .
إذ وضعت سمعة منظومة الإستخبارات الإسرائيلية و الآمريكية و مواقف المجتمع الدولي اتجاه القضية الفلسطينية علي المحك .
و أعادت أيضا القضية الفلسطينية إلي الواجهة من جديد رغم الشعور بالخذلان الحاصل بحق القضية الفلسطينية في ظل موجات التقارب و التطبيع مع الكيان الصهيوني التي تحصل من حين بشكل أو بآخر .
إضافة إلي تقاعس بعض حكومات و شعوب المنطقة العربية و الإسلامية.
كما ساهمت ولو مؤقتا في صناعة و رسم الإبتسامة الغائبة منذ أمد طويل علي وجه الشعب الفلسطيني الأبي و الشعور بالفخر و نشوة الإنتصار .
و أحيت فيه روح التفاؤل و القتال بصمود و عزيمة و إصرار لا تلين أمام أعتي قوي الشر الصهيونية و حلفائها .
إلا أن الكلام عن أبعاد و تداعيات عملية طوفان الاقصي قد لا يحلو دون الحديث عن تاريخ و نضال مهندس العملية و العقل المدبر الشهيد البطل الفذ شرف الأمة يحيي السنوار رحمه الله .
الأسير السابق لدي قوات الإحتلال الذي قضي 23 سنة متواصلة في سجون الإحتلال 4 سنوات منها في العزل الإنفرادي.
أستعاد حريته بموجب صفقة تبادل 1027 معتقلا فلسطينيا كان من بينهم مقابل إطلاق حماس سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011 م
سرعان ما تدرج في المناصب القيادية داخل حركة حماس فرض نفسه كقائد ميداني لا يشق له غبار .
أثبت جدارته من خلال عملية طوفان الاقصي التي تسببت في خسائر بشرية عسكرية كبيرة لإسرائيل .
أثرت سلبا علي سمعة أجهزتها الأمنية و الإستخبراتية.
عملية اشبه ما تكون من حيث التخطيط و التوقيت المباغت و دقة و سرعة التنفيذ انذاك و حجم الأضرار و الخسائر البشرية و القدرة الفائقة علي إختراق الأجهزة الأمنية و منظومة الرقابة و الجدار الألكتروني .
بهجمات 11 سبتمبر 2001 م بالولايات المتحدة الآمريكية حينها .
رغم تباين أوجه المقارنة في بعض الحالات و في جوهر القضية .
تم إختياره رئيسا لمكتب حركة حماس خلفا للشهيد اسماعيل هنية الذي أغتيل في ظروف غامضة علي الأراضي الإيرانية.
و جهت أصابع الإتهام حينها لإسرائيل دون إقرارها بذلك .
إلا أن الأقدار شاءت أن يلتحق علي جناح السرعة بزمرة شهداء أبطال المقاومة الفلسطينية .
دون أن يقتل في عملية مخطط لها، بل سقط شهيدا في ساحة المعركة و في الصفوف الأمامية من خط المقاومة مقبلا غير مدبر مرتديا جلبابه العسكري و في يده مسدسه و بندقيته .
أثناء مواجهة قتالية جمعته صدفة بقوات إسرائيلية مدججة بكل انواع الأسلحة و مدعومة جوا بكل أشكال الطائرات والصورايخ في رفح جنوب غزة .
شكلت وفاته بالطبع خسارة كبيرة و ضربة قوية لحركة حماس التي حولها في وقت وجيز إلي قوة ضاربة و قاتلة يحسب لها ألف حساب ستظل إن شاء الله صامدة في وجه العدوان الإسرائيلي مهما طال الزمن .
أي نضال إذن و أي تاريخ ؟
صحيح أن الإختراق البشري كان عنصرا أساسيا في نجاح مهمة الإغتيالات الإسرائيلية علي مر الزمن.
بفضل تجنيد إسرائيل لمخبرين و عملاء خونة من أبناء الوطن العربي و بعض الدول الإسلامية الأخري تم الزج بهم في الصفوف الأمامية للمقاومة.
و قد تجلي ذلك بشكل واضح في عودة إسرائيل إلي سياسة الإغتيالات و إستهداف قادة و كوادر تنظيمات و فصائل المقاومة الفلسطينية و حزب الله.
دون أن تخشي لومة لائم في ظل تطاولها علي العالم و تجاهلها القانون الدولي و إحتقارها لقرارات الأمم المتحدة و خرقها للإتفاقيات و المواثيق الدولية .
إغتيالات طالت هذه المرة زعماء و قادة كبار من الوزن الثقيل من أمثال الشهيد اسماعيل هنية رحمه الله رئيس مكتب حركة حماس و الشهيد أيضا حسن نصر الله رحمه الله أمين عام حزب الله اللبناني .
و ما قد يترتب علي ذلك من خسارة و خسارة كبيرة جدا سيكون لها ما بعدها علي أمن و إستقرار المنطقة .
ستشكل ضربة قوية للقضية الفلسطينية و لأطراف المقاومة خاصة حركة حماس و حزب الله .
في حين يري بعض المحللين أن سلسلة الإغتيالات الإسرائيلية تأتي في إطار محاولة لتجاوز فشل تحرير الرهائن المحجوزين لدي حركة حماس داخل قطاع غزة بعد كل هذا الدمار الهائل و الشامل.
في ضوء التستر علي جرائم الإبادة و القتل البشعة و لفت أنظار العالم عن ما جري و يحدث من إنتهاك مستمر لحقوق الإنسان داخل قطاع غزة و الأراضي الفلسطينية.
إلا أنه بالمقابل لم يتمكن الكيان الصهيوني إطلاقا عبر مختلف تصفياته الجسدية من قتل القضية الفلسطينية أو وأد المقاومة أو إختزالها في شخص دون غيره.
بل ظلت هذه الإغتيالات بإستمرار محفزا لتقديم قائد أو رمز جديد كلما دعت الضرورة.
و لنا علي مستوي الحركات و الفصائل الفلسطينية و حركة حماس و حزب الله تجارب و شواهد تاريخية .
تؤكد الإستمرارية علي نفس النهج و فرض خيار المقاومة كشعار للصمود و الإنتصار .
بدليل أن أي مقاومة ولادة صامدة مترسخة من الغباء التفكير بهزيمتها و لو بقطع رؤوس قادتها و جنودها .
لا شك أن إسرائيل قد تمكنت من خلال حربها علي غزة و جنوب لبنان و اغتيالاتها المتكررة من إذكاء الصراع الطائفي السني الشيعي لصالحها.
حيث ظهرت أصوات سنية تهاجم المذهب الشيعي و تتهم إيران و حزب الله بإغتيال الشهيد اسماعيل هنية في ظل عدم إقرار إسرائيل بإغتياله لحاجة في نفس يعقوب قضاها
في الوقت الذي برزت فيه أصوات شيعية وصفت هي الأخري أهل السنة بنعوت خطيرة من قبيل التخلي عن القضية الفلسطينية و التحالف مع إسرائيل.
واقع ألقي بظلاله علي إستقرار المنطقة و تجلي في المواقف الرسمية و الإنسانية الخجولة للمجتمع الدولي و الحكومات العربية و الإسلامية اتجاه القضية الفلسطينية في ضوء العدوان الإسرائيلي المستمر علي قطاع غزة .
مما زاد من معاناة الساكنة أمام صمت دولي رهيب و تراجع كبير للمساعدات الإنسانية في ظل الحصار الإسرائيلي المحكم و غياب مساعي سلام حقيقية من أي كان في الأفق القريب .
فهل أن القضية الفلسطينية العادلة لم تعد كذلك ؟
و هل أنها أيضا لم تعد قضية أمة و مقدسات كما كانت بالأمس القريب ؟
و هل أن المجتمع الدولي و الحكومات العربية و الإسلامية في طريقها للتخلي عن القضية الفلسطينية الجريحة ؟
أم أن الخذلان هو سيد الموقف ؟
إن الخذلان أشد علي النفس من العداء الظاهر لعدو يبادلك العداء .
و بما أن للخذلان مقاصد و معاني كثيرة فإن : –
‐ الخذلان يعني أن تترك في منتصف الطريق لمصيرك .
– الخذلان أن تلقي التأييد ظاهرا و العداء باطنا .
– الخذلان يعني النفاق و التلون في المواقف .
– الخذلان يعني تعدد الولاءات و المواقف و المواقع .
– الخذلان يعني أن تناشد فلا تجاب و تستنصر فلا تنصر .
لكن عند ما يصدر هذا الخذلان من ذوي القربي حينئذ يوصف بأبشع صور الخذلان فليس ثمة فظاعة أكبر في الخذل و الظلم من هكذا خذلان .
كما قال الشاعر الجاهلي طرفة ابن العبد :
ظلم ذوي القربي أشد مضاضة
علي المرء من وقع الحسام المهند .
أين نحن يا معشر العرب والمسلمين من مقاصد الحديث الشريف الصحيح الذي أخرجه البخاري و احمد و الترمذي ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) ؟!
فما بالك إذا كانت القضية قضية مقدسات دينية أولي القبلتين ( المسجد الأقصي ) .
لا شك أن دخول كبريات مؤسسات الإعلام العربي علي خط الخذلان .
عبر بوابة قناة MBC العربية السعودية ذات التوجه الرسمي
في خطوة غير مسبوقة و صادمة تروج للتطبيع مع الكيان الصهيوني ليشكل خروجا غير مألوف علي الثوابت الدينية و الوطنية و القيم الأخلاقية و الإعلامية .
في الوقت الذي يشهد فيه قطاع غزة المشلول و المحاصر منذ عام و نيف أكبر جرائم إبادة جماعية و انتهاك لحقوق الإنسان و تدمير ممنهج لمختلف البني التحتية و الصحية و الخدمية .
أرتكبتها إسرائيل بكل وقاحة وإستمرار في ظل صمت أممي خطير و تقاعس دولي رهيب إتجاه القضية الفلسطينية .
فقد فاجأت MBC بالطبع الرأي العام العربي و الإسلامي من خلال بث تقرير متلفز منحط أخلاقيا و غير مهني علي الإطلاق يخدم الآجندات و الروايات و السرديات الإسرائيلية دون غيرها تحت عنوان : ألفية التحرر من الإرهاب .
شكل إساءة مباشرة لمشاعر الأمة و لرموز المقاومة .
حينما وصف قادة حركة حماس و حزب الله بالإرهابيين .
مرضاة لليهود .
فهل تناسوا عن قصد أو غير قصد مضامن و مقاصد الآية الكريم من سورة البقرة ( ولن ترضي عنك اليهود و لا النصاري حتي تتبع ملتهم قل إن هدي الله هو الهدي و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير ..) صدق الله العظيم.
فهل خذل الإعلام العربي بدوره قضية الأمة من خلال الإنخراط في مسار التطبيع و التفريط في الحق الفلسطيني ؟!
اللهم أعز الإسلام و المسلمين و أذل الشرك و المشركين و انصر أهل فلسطين.
اباي ولد اداعة .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button